فى هذه الأيام الأخيرة؛ أيام ما بعد الثورة؛ كثيراً ما أقابل أناساً وأحادثهم؛ شباب وكبار - فأجد أنهم يصرحون بأفكار علمانية؛ فإذا سألت عنهم وتابعتهم؛ علمت أنهم لا يفقهون أصلاً مصطلح العلمانية! فتذكرت الماضى المؤلم؛ وقررت أن أكتب هذا المقال... الحقيقة هى أنه ليس كل علمانى يعرف أنه علمانى - فرموز العلمانين وكبار العلمانين فقط هم الذين يعلمون أنهم علمانيون ويصرحون بذلك بياناً؛ أما أكثر العلمانين - صغار العلمانين - فهم مسلمين منا؛ أبائنا وأمهاتنا وأخواننا وأخواتنا وأقاربنا وأصدقائنا؛ وهم علمانين الفكر وهم لا يشعرون - بل إن سألتهم ما هى العلمانية ربما لا يعرفون...
صغار العلمانين
والسبب فى هذا هو أن الفكر العلماني يتم زرعه فى فكرهم على مر السنين بإستخدام الإعلام الفاسد سواء الإعلام الغربى او الإعلام العربى التغريبى. وإذا قلت لهاؤلاء المساكين - وأنا والله بصدق أشفق عليهم - "أنتم تتبعون رموز العلمانين وتتحدثون كأنكم علمانيون"؛ غضبوا جداً وثاروا وقالوا "بل نحن مسلمين ولسنا علمانيين!" وهم بالفعل مسلمين - ولكنهم قد بدأوا الطريق إلى العلمانية وهى فى مرحلة اللاوعى او العقل الباطن.
مرحلة التحول
وإذا أستمر صغار العلمانين فى القراءة والأستماع لرموز العلمانين؛ فإنهم سينتهى بهم المطاف إلى أن يصيروا من متوسطين العلمانين وتجدهم قد تغيروا عن الماضى؛ أصبحوا أشخاص أخرين؛ وصاروا يتطاولون على علماء الإسلام والمشايخ المعاصرين وهذه حالة شبابنا اليوم في تونس للأسف الشديد...
مرحلة الوعى
وبعد فترة أخرى من التغريب الفكرى - والسير فى طريق إلى التهلكة - تجدهم صاروا متعصبين جداً للحريات - خاصة الحرية الجنسية من زنا وشذوذ جنسى - وتجدهم بدأوا يتطاولون على رموز الإسلام من العلماء السابقين؛ وكتاب الله والسنة ويؤمنون ببعض ماجاء في كتاب الله ويكفرون ببعض - وهنا يكون العلمانى قد أدرك أنه علمانى بل ويفتخر ويدعو للعلمانية - حتى أنك عندما تراه - وقد كان صديقك فى الماضى - تشعر أنه قد صار إنساناً أخر؛ تحول إلى مسخ فكرى يحمل بطاقة مكتوب عليها مسلم ...
المرحلة الأخيرة قبل الإلحاد
وأخيراً - ليصير كبار العلمانين رموزاً للعلمانية؛ فليس عليهم إلا خطوة واحدة جريئة وخطيرة؛ وهى التطاول على الصحابة الكرام رضوان الله عليهم والنّبى صلّى الله عليه وسلم - إنتهائاً بسوء الأدب مع الله عز وجل - وهذا ما رأيناه فى الأيام الأخيرة في قناة نقمة للأسف الشديد - فسبحان الله؛ هم من الكفر على بعد شبر...
فأنا يا أحبتى أتحسر لما أرى بعينى الشباب المسلم يتخذ رموز العلمانين قدوة ومصدر للفكر وأنا أعلم - عن تجربة شخصية - نهاية هذا المطاف...
وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ ﴿11﴾ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَٰكِنْ لَا يَشْعُرُونَ ﴿12﴾ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ ۗ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَٰكِنْ لَا يَعْلَمُونَ ﴿13﴾ صدق الله العظيم.