العفو التشريعي والغاء ادارة امن الدولة : بين القانون والواقع ومتطلباته

قانون العفو التشريعي العام لبنة على طريق بناء دولة المواطنة . صدوره وان طال انتظاره جاء نتيجة لتضحيات جسام قدمها الشعب التونسي منذ العهد الاول البورقيبي الى سقوط الطاغية المجرم بن علي . نذكر بهذا حتى لايظنن احدا انه منة او عطية او  هبة من النظام الى الثورة التونسية . ثورة قامت لاسقاط الاصنام نهائيا فلاصوت يعلو فوق صوت الشعب ولااحد يمنح وكالة لينصب نفسه وصيا على الشعب وثورته . قالها الثوار ورددوها في عدة محافل وهم مستعدون تمام الاستعداد لمواصلة مسيرة حرب تحرير الثانية دفاعا عن الكرامة الوطنية وليخشى من تحدثه نفسه بالتلاعب او المماطلة او التسويف غضب المارد الجبار الذي انتفض من سباته  ليحلق فوق الجبال وليس ليعود بين الحفر


صدور القانون هو بداية انصاف من تعرضوا الى الوان الظلم والحرمان من ممارسة حقوقهم السياسية والمدنية والاجتماعية على امتداد  نصف قرن من التفرد بالحكم والاقصاء واعتماد الفتنة بين صفوف الشعب وضرب وحدته الوطنية . راينا ذلك في خطة التجمع اللادستوري واللاديمقراطي للتصدي للتيارات السياسية المنافسة مستعملا ارهاب الدولة كما فعل بورقيبة سالفا اذ بدا حكمه بحمامات الدم الذي سلطها على حزب الامانة العامة ومناضليه بقيادة بن يوسف لتخلو له الساحة السياسية ويفعل مايشاء من تغريب وضرب للحريات وتكريس للفرونكوفونية وتحجيم لكل مقومات الهوية العربية الاسلامية.


هذا القانون في احد نتائجه يعتبر اعتذارا ضمنيا لمن ظلم ورد لاعتبار اليه وكذلك بداية تعويض عن كل الاضرار التي لحقت به ماديا ومعنويا وجسديا ونفسيا  وهذا في حد ذاته جانب اخر من جوانب الانصاف الذي لايتوقف عن هذا الحد بل يطال كل الحياة المستقبلية لاولئك الذين قضوا ريعان شبابهم في ظلمات السجون .

وتتمة للانصاف ياتي مطلب القصاص العادل كضرورة حتمية لتضميد جراح المظلومين التي لاتزال تنزف لهول ماعاشوه في اقبية الداخلية وزنزنات السجون والحبس الانفرادي لسنوات . والقصاص الذي طالبت به الجماهير الثائرة بدا يتحقق اليوم في مرحلته الاولى بالغاء ادارة امن الدولة وحل البوليس السياسي السيء الذكر المسؤولة عن تنفيق التهم ومحاكمات الزور وحرمان الناس من حريتهم وتعذيبهم وملاحقة اهاليهم ودفعهم الى الهجرة القصرية وقتل الكثيرمنهم تحت التعذيب ولابد ان يفضي هذا الالغاء طبيعيا الى تتبع ومحاكمة الاشخاص الذين استغلوا صفة الموظف العمومي لممارسة التعذيب او الاذن بذلك او احجموا عن التبليغ عنه ونرجو عدم التسامح مع مجرمين من اخطر نوع لانهم مفسدون في الارض والله لايحب الفساد  .  كما نرجو عدم تمكينهم من الافلات من العدالة كما حدث مع رئيس عصابتهم بن علي وجب اذن الاذن بايقافهم والتحفظ عليهم حتى لايقال في صورة هروبهم او اختفائهم (الله غالب ) فاننا لن نغفر ذلك وسنعتبره تكملة لتهريب بن علي وضياع وقت هام تمكن فيه الجناة من اتلاف حجج  ادانتهم ومستندات اتهامهم وبراهين سوء اعمالهم .

ان المعاهدة الدولية لمناهضة التعذيب اقرت مبدا عدم سقوط حق التتبع بمرور الزمن لتكريس مقاومة التعذيب وعدم افلات الذين يمارسونه من العدالة . نشير الى ان زبانية بن علي والجلادين الذين نذروا انفسهم لخدمة الطاغوت هم اما اعوان تابعين لادارة الامن ويتمركزون داخل ادارة امن الدولة والاستعلامات واعوان وضباط تابعون لادارة السجون . لايمكن حصر كل الادوات والوسائل التي استعملها نظام بن علي ورموزه المتربعين داخل دواليب الدولة لتنغيص حياة الناس والتضيق عليهم وفرض ضنك العيش عليهم اضافة الى ماسلف من ممراسات مهينة وسلوكيات شاذة يندى لها الجبين وتقشعر لها الابدان ولايزال صداها يملا الدنيا ويشغل الناس ولايمكن باية حال من الاحوال خلط الاوراق وتمويه المسالك للتغطية السياسية على الجناة واجندة تخدم مصلحة الحاكم وتغبن المواطن

الظلم ظلمات ولن نقول لمن اجرموا اذهبوا فانتم الطلقاء ولكن نقول القصاص العادل