جراد و القصبة و الاقتصاد و السبسي أو كيف نخلط الأوراق

مجموعة من الناس تجمعت البارحة في شارع بورقيبة و كذلك عبر الفيسبوك تندّد بمعتصمي القصبة و بجراد و بالإتحاد العام التونسي للشغل و بالحساسيات و التنظيمات التي تعارض الحكومة برئاسة الغنوشي أو برئاسة خلفه المقترح السبسي . أوّلا ، إن كنّا واعين حقيقة إنّ تونس تحدث فيها ثورة و اننّا استعدنا حريتنا علينا أن نقرّ فعلا بحق هؤلاء، كما لغيرهم ، في التعبير على رأيهم بصيغ حضارية ترفض العنف و لا تتعرض لأعراض الناس و لا تلقي بالتهم جزافا و نتخلص من ثقافة التشكيك و التخوين و محاضر البوليس .
ثانيا ، كثير لم يع بعد أنّ بلادنا تمر بثورة و الثورة لها ثمن ، هنالك من يغرس رأسه في الرمل و يريد أن يصل إلى غاية الثورة في الحرية و الكرامة دون جهد و دون تضحيات ،لأن مصالحه تضرّرت( تعطيل نشاطه الاقتصادي مثلا ) و هناك من هو بتعلة ضرورة استتباب النظام و الأمن ينفي على مخالفيه حقّ التحرّك أو المعارضة وهذه ثقافة ما قبل 14 جانفي ثقافة الاستبداد و الإجماع المفروض و المزيّف .
ثالثا، الحالة الآن : الغنوشي استقال تحت ضغط ، ليس فقط من معتصمي القصبة بل من مئات الآلاف الذبن يشاركونهم الرأي في كامل البلاد ، رغما عن ممّن كان يقف معه .نُودي على السبسي ليعوّضه ، هذا اجتهاد و للآخرين أن يختلفوا مع هذا الاختيار –لأنّ السياسة تفترض الاختلاف - .أنا مثلا ضد هذا الأسلوب الفوقي الذي يعتبرنا دائما قُصّر ويصادرون إرادتنا و يحكموننا " ما الغادي الغادي ". أنا ضد اختيار السبسي لأني لا أراه الرجل المناسب لا من حيث هرمه و لا من حيث مساره السياسي و الرجل تقاعد كتجمّعي مقتنع و مساند لبن علي لآخر لحظة و عكس ما يدّعيه في مقابلته في التلفزة.ما الحل ؟ يمكن بالتشاور الفعلي مع مكوّنات المجتمع السياسي و المدني الاتفاق على شخصية عليها إجماع كأستاذ علوم سياسية مثلا أو كقاض او كشاب ملمّ بالواقع السياسي للبلاد.


رابعا ، التهجّم على اتّحاد الشغل ، أراه من الخطورة الكبيرة على مصير الثورة. أوضّح: أنا ضد جراد و اعتبره رمزا من رموز الفساد و شريكا لبن علي في ذلك و ليس لوحده في هذه النقابة. حاليا الاتحاد و تحت ضغط قواعده و أطره الوسطى و القاعديّة يقف في صف الثورة و يدعمهما . الهجوم على الاتحاد هو إضعاف كبير لسند فعلي للثورة و ضرب لأكبر فصيل له وزنه في حراكها . أعداء الثورة بتعلّة "البلاد ستخرب" و " الاقتصاد واقف " يريدون تكسير الاتحاد . ليتذك هؤلاء انّ اتحاد الشغل لم يناد الآن بالإضراب و لم يخرّب المنشآت و لم يحرق الأملاك العامة أو الخاصة و لم يهاجم أعوان الأمن أو الجيش بالحجارة او بالنار( بشهادة الغنوشي ذاته هم المتآمرون على الثورة ) و لم يعطّل الحركة التجاريّة و لم يحرّض على موجة "الزيادة في الشهريّة " أو " شغّلني توّة توّة "... ابحثوا سوف تتحققون من أنّ الذي يعطّل الاقتصاد ويخرّب المنشآت هي الشُّعب المهنيّة و غير الواعين منّا و الذين يتحرّكون بأنانيّة" اقتسام الغنيمة "و لا يهمهم الوطن و لا الحرية و همّهم مصلحهم الذاتية ، حتى و إن كانت مطالبهم مشروعة لو تأجّلت حتى تحقق الثورة العاجل من مهامها السياسية فعلا في القضاء على النظام السياسي السابق و تحويل السيادة للشعب و تكريس الحرية و الديمقراطية .
أعداء الثورة يتربّصون بها و لا يتحرّكون بوجوه مكشوفة و الخطر قائم، وعينا و وحدتنا و صبرنا و تسامحنا و انخراطنا الفعلي في الثورة ، لا أن نتفرّج على أحداثها، هي الشروط الضامنة لنصرنا.

عميرة عليّه الصغيّر-مواطن يتحرّ