رسالة إلى وزير الداخلية

لا أخفيكم أنني اليوم أصبت بصدمة كبيرة في وزير الداخلية السيد فرحات الراجحي.. فال...رجل الذي توقعنا منه الكثير، ثبت أنه أدنى من الآمال التي علقها عليه التوانسة.. في لقائه مع قناة الجزيرة بدا السيد الراجحي غير مقنع، ويتحدث حديثا غير متماسك وغير قانوني، وهو القاضي العارف بالقانون..
قال لنا كلاما عن البوليس السياسي لا يصدقه حتى الأطفال.. قال لنا إن عدد البوليس السياسي في تونس هو 200 شخص.. لو قال لنا إن عدد مجرمي البوليس السياسي عشرين ألفا ربما صدقناه.. بل حتى لو قال إن العديد في حدود الألفين ربما غالبنا أنفسنا وصدقناه.. أما حكاية المائتين فهي كالشوكة في الحلق صعب بلعها يا سيادة الوزير.. صعب تصديقك فيما تقول، وأعتقد أنك لا تصدق نفسك أيضا.
أمر آخر أساء به الوزير لنفسه، قبل أن يسيء للثورة التونسية، حين برر لمجرمي البوليس السياسي قتل الناس وتعذيبهم وتدمير حياتهم وتحطيم أسرهم، بأن من قام بالتنفيذ لا يتحمل المسؤولية، طالما هناك من أصدر له أمرا بذلك.. وقد قال السيد الوزير بالحرف ويا لهول ما قال:
"هناك مشكلة إجرائية من الناحية القانونية، هناك العديد من المسؤولين الأمنيين ربما قد تورطوا في عديد من الأفعال، إذا كانت هذه الأفعال قد وقعت ممارستها من قبل بين ظفرين من هو من البوليس السياسي، هناك نص قانوني قد لا يؤاخذه.. نص قانوني موجود عندنا في المجلة الجنائية وموجود في جميع قوانين الدنيا يقولك لا يؤاخذ إنسان إذا ما نفذ فعلا بمقتضى إذن من السلطة التي لها النظر، بحيث إذا ما مورس الاعتداء على الأشخاص في إطار تطبيق تعليمات من سلطة أعلى، وهناك قاعدة يعلمها الجميع، يقولك الإنسان يطيع الله والرسول وأولي الأمر منا.. متى ثبت أنه تجاوز حدوده من حيث الصلاحيات الموكولة إليه أثناء ممارسته لوظيفته بإذن من المسؤولين، هنا يؤاخذ المسؤولون ولا يؤاخذ الفاعل طبقا للفصل 42 من المجلة الجزائية"
.

هذا كلام عيب يا سي فرحات.. هذا عجيب صدوره منك تحديدا.. وما كان لك أن تستخدم قول الله تعالى "وأطيعوا الله ورسوله وأولي الأمر منكم"، لتبرئ بها أيادي ملطخة بدم التونسيين.. فالقرآن الكريم الذي يقول إن من قتل نفسا كأنما قتل الناس جميعا، ومن أحياها كأنما أحيا الناس جميعا، لا يمكن أن يستخدم لتنظيف أيادي أجرمت في حق المئات بل الآلاف من التوانسة بل في حق شعبه بأسره أذاقته الويل والثبور، وأهانته، ومرغت أنفه وكبرياءه في التراب..
أقول لك يا سيدي الوزير هذا وزر عظيم.. هذا عبث بالقانون وبالقرآن الكريم وبكل القيم الأخلاقية الدينية والوضعية، وعبث بكل القوانين الإنسانية الدولية.. أكرر مصدوما في ك: هذا عبث يا سي الراجحي.. كنا نحبك ونحترمك، لكننا الآن صرنا نخافك.. وإذا كان البوليس السياسي يضغط عليك حتى تبرئه من جرائمه عليك أن تستقيل.. خذ موقفا شهما واستقل، ولا تجعل نفسك ممسحة ينظف بها البوليس السياسي نفسه